خواطر مبعثرة... - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

خواطر مبعثرة...
داوود الجولاني - 07\12\2010

1: في حديقة جامعة حيفا، رقصت رسامة وهي ترمي خصلات شعرها الطويل، تارة بإتجاه البحر وتارة بإتجاه النار.. كانت للبحر تقول:" بلل شعري بالماء لأطفئ الغابات." .. وللنار كانت تقول:" التهمي شعري ، واتركي لي شجرة لأرسمها.".

2: من يفسر حلمي؟ الذي يجلس في رأسي كل ليلة مادا قدميه ببلاهة... في الحلم أرى رسامة تبلل لوحاتها بماء النهر ، ثم تمسح جسدها العاري بالألوان، وتقول :" سأرسم من جديد ؟"

3: من بين العشب الأخضر الذي يعيش مرعوبا بين خط وقف إطلاق النار ، قفزت طفلة تزينت بعينين خضر،
لم يفقدها أحد. لا اجهزة الأمن السورية ، لاحظت غيابها ، ولا حتى مخابرات الدولة العبرية أعارتها إهتماما.. لكن الطفلة المشحونة بالغضب ، لأنها تركت خروفا صغيرا وراءها ، قفزت ونامت بين ذراعي،
ولما كبرت وصارت صبية بدلتني بقطيع أغنام ، وعادت ترعى خرفانها في حدائق المفاوضات السرية.

4: في الطريق الطويل المؤدي إلى المدافن ، شاهدت بشريين ، الثري منهما كان يتعمشق جدران قصره ليسد ثقبا في سطح القصر. لما سالته لماذا تفعل ذلك ؟ أجابني :" أخاف أن تسقط قطرة ماء وتبلل خشب المطبخ المصنوع من شجر الكرز." أما الرجل الاخر فكان فقيرا وأعمى ، وكان يضرب جدران كوخه البسيط بعكازه . فسألته :" لماذا تفعل هذا ؟" فقال:" مللت منه وأريد بناء كوخ أصغر." فانصرفت وأنا أتساءل :" لو كان الضرير مبصرا فأي قصور سيهدم؟".

5: شاهدت القبح اليوم .. عندما رأيت قمحا يتشمس تحت سماء لا تمطر، وتذوقت الجمال اليوم، حين لمست كفي إمرأة تنقل القمح المنخور بالسوس إلى برميل، فأحببت القبح والجمال معا لانهما زارا منزلي.

6: ناشدت الحطاب أن يترك غصنا أخضر في الشجرة، فرد علي بحزن مزارع فقد حذاءه الوحيد:" وما نفع الغصن إن شح المطر." فقلت :" هناك عصفور يتردد فوق الأشجار، يبحث عن مكان لبناء عشى، فرد الحطاب وهو يبحث بعينيه عن حذاءه: " أين العصفور لألتهمه؟".

7: لم أسمع طرقات تدق الباب ، ولكني من وقع خطواتها على الدرج عرفت أنها انثي.. كيف عرفت؟.. علرفت لأني سمعت شهقات الدرج . وأحسست أن منزلي المحصن بالباطون يرتجف.
فأختبات تحت وسادتي مثل جرذ.. ولما سمعت صوت الماء ينساب من الحنفية.. أدركت أنها خلعت ثيابها ، فتسللت أسترق النظر من ثقب المفتاح ، فرأيت عجوزا قبيحة تبحث في فرجها عن الدماء.. وسمعتها تنتحب :" أنا الحقيقة .... انا الحقيقة..".

8: في المقهى المطل على نهر جفت عروقه، كنا مجموعة من الصحااب نأكل لوزا مقشرا ، وشفاهنا تتلاعب بطعم الجبن الأصفر المغموس بنبيذ رخيص السعر.. وكنا نستمع لمطرب أدهش
صوته حدقات عيوننا عندما غنى " انا أتوب عن حبك أنا..؟" .وقتها دخل المقهى وجلس قبالة طاولتنا طبيب بيطري يرتدي معطفا أسود.. قدمنا له كأسا من الشراب .. فشرب، وشرب حتى ثمل، ثم قام من مقعده رقص وقال:" الكلاب تنبح أجمل منكم ، والطيور تتناكح ببراعة أكثر منكم..".